الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

سارة صديقة الحيوان..





العنوان أعلاه مستوحى من المسلسل الكارتوني الشهير «مخلص صديق الحيوان» الذي أخذت قصة حلقاته من رواية الكاتب الكندي إرنست ثومسون سيتون والتي حملت اسم روايات سينتون عن الحيوانات «Seton Animal Chronicles». وهو من إنتاج ياباني وقام بإخراجه شيراتو تاكيشي وأخرج رسومه ماساتو أوموري، وهو يتحدث عن قصص مختلفة يسردها «مخلص» عن مجموعة من الحيوانات بصورة متقنة كشف من خلالها الكثير من الصفات الرائعة التي تتحلى بها الحيوانات، ومن أبرز تلك الحلقات الأرنب ذو الأذن المشقوقة، بوبي الوفي، الكبش الجبلي، الدب الصغير، ذكر الحمام الزاجل، قطط ضالة، الكلب الشرس، أسطورة الرنة البيضاء و صغار الراكون.

المهندسة سارة
وعودة إلى جديدي في المدونة والذي أستغرق مني كتابته أيام طويلة أردت من خلاله تسليط الضوء على شخصية الفتاة المختلفة جداً «سارة»، ولمن لا يعرفها هي طالبة في كلية الهندسة «جامعة الكويت» وتبلغ من العمر 22 ربيعاً، تعشق العلم إلى حد الثمالة، تمتاز بشخصيتها القوية والجذابة، وقراءتها للأفكار وما بين السطور، سريعة الحركة، مجتهدة، مبتسمة، متفائلة، طموحة، جميلة المظهر رائعة الجوهر، معدنها نادر الوجود، مليئة بالحيوية والتفاؤل، لبيبة عاقلة، وفية لأصدقائها، و لبقة في حديثها، و على قدر عالً من الذكاء وتتطلع دائماً إلى النجاح و تمتاز بالصبر، الطموح بطبيعتها، وتتمتع بنعومة أنثوية وتمتاز بجاذبية طبيعية جميلة وأنيقة متزنة، تقدر الجمال، تعشق التغيير، تقدس الحرية وتعي جيداً حدودها فلا تتجاوزها، وهي دبلوماسية بدرجة كبيرة.

الحب الأول
سارة تمكنت من تثقيف نفسها تلقائياً، فهي عندما كانت صغيرة السن، عشقت الكتاب، وعندما كبرت تنوعت مصادر ثقافتها ابتداء من الكمبيوتر مروراً برحلات السفر التي ساهمت في نضوجها وتنويع مصادر ثقافتها وصولاً إلى انخراطها في مدرسة الحياة والتعلم منها كل ما هو جديد و مفيد، وزاد حبها وفهمها للحياة من خلال معاشرتها لمختلف أنواع الحيوانات التي كانت تحرص على تربيتها داخل منزلها، وتتمعن في جمال شكل تلك الكائنات التي خلقها الله بصورة إبداعية، وتخصص ساعات طويلة من يومها في مراقبة حركاتها، وترصد التغييرات التي تطرأ عليها في حالات مختلفة، ونبض قلبها لأول حب في عالم الحيوان إلى الكروان الذي سلب قلبها ولفت انتباهها إلى وجوده بأروع الألحان التي كان يتغنى بها وهو يتأملها من بعيد ويناديها لتحمله بين كفيها إلى سكنها، فلبت النداء وجاءت مسرعة لتقتنيه قبل أن يظفر به غيرها، لتبدأ من هنا أولى قصص الحب والتي تلتها ملاحم عشق أخرى سأقص عليكم أجزاء مختلفة منها في محاولة جادة لقطف زهرة من كل بستان في عالم سارة المختلف جداً.

دعاء الكروان
تقول «سارة» ما أن اعتاد ذلك الكروان على منزلها حتى أخلي سبيله وفتحت له أبواب سجنه وأصبح حراً يطير في أرجاء منزلها، فيحط حيث يريد ويتنقل مثلما يبغي دون أن تقيد حريته، فاعتاد مع انكسار الشمس وبداية تراجعها أن يشجوهم بعذب ألحانه ويغرد بصوته العذب وكأنه يدعوا لتلك العائلة أن يغمرهم الله بالحب الأبدي، وهو يتنقل من مكان إلى آخر، فيختار أن يحط رحاله على كتف والدها الذي أعتاد الجلوس لاحتساء الشاي وسقيه من ما يحتسيه في بادرة إنسانية رائعة تدل على عمق العلاقة ما بين الطرفين، وهو الأمر الذي دفع «سارة» إلى شراء أنثى لتزويجها من الكروان وملئ وحدته إلا أن القدر شاء لأنثى الكروان أن تموت بعد انقضاء ثلاث ليالي ليحزن حزناً شديد وقرر أن يضرب عن الطعام والشراب وينطوي على نفسه مطأطأ رأسه، فحاولت أن تنقذه ونقلته إلى المستشفى البيطري الذي وصف له بعض الفيتامينات التي ستساعده على تعويض ما فقده إلا أنه كان يرفض تقبل الدواء، وبعد تفكير عميق قررت أن تشتري له أنثى أخرى ليقترن بها وتنسيه من تعلق قلبه بها، إلا أنه رفض كل تلك المغريات وفضل الموت بين يدي «سارة» على الحياة مع أنثى غير التي أقترن بها أول مرة، ودفن بجوار قبر أنثاه، وهو ما يدل على أن الوفاء فطرة في الحيوان يفتقدها الكثير من بنو البشر.

الخيار المستحيل
وفي بستان أخر من بساتين «سارة» المتنوعة والمتلونة بكل الألوان الزاهية قطفت زهرة أخرى من أزهارها فتروي لي قصة حب عاشتها لقرابة عامين، كان بطلها أرنب عاش معها في ذات الحجرة التي تسكنها، يتقاسم معها حياتها، يتفاعل معها بأفراحها وأتراحها، ويتقاسم حتى الشوكولاته التي تعشقها، فيهب مسرعاً لأخذ حصته منها بعد أن لمس فيها حبها لنوعية معينة من الشوكولاتة التي تتناولها. وتضيف «سارة» في حديثها مؤكدة لي أن تلك القصة الجميلة انتهت بصورة مأساوية، بدأت عندما لاحظت أن ذلك الأرنب أصبح جسده هزيلاً ويرفض تناول الطعام الذي اعتادت تحضيره له، ولم يعد مشاغباً كما كان في الماضي، فنقلته إلى المستشفى البيطري لفحصه والتأكد من سلامته وخلوه من الأمراض التي قد تكون سبباً في تدهور وضعه الصحي، وكانت المفاجأة هي وجود ورم سرطاني أسفل رقبته يصيب الأرانب كبيرة السن.

القرار الأخير
وتصف قرارها أنه أكثر القرارات صعوبة التي اتخذتها في حياتها، وقد اختارته بعد معاناة شديدة بين الرضوخ للأمر الواقع والاستسلام لفراق مرير، أو الإبقاء عليه حياً وتركه يصارع الموت بكل أنانية، فأصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما حلوهم أمر من العلقم ومرهم أمر من الحنظل، إما أن تعود به أدراجها وتتركه يصارع المرض فيصرعه من العطش والجوع، أو يتم حقنه بالسم ليموت وتموت معه آلامه، وبعد معاناة طويلة بسبب التفكير تخلله بكاء ونحيب إلى حد الحشرجة والحسرة والألم على مصابها الجلل قررت إنهاء معاناته، فما كان من الطبيبة إلا حقنة فيما ظلت «سارة» تتأمله إلى أن فاضت روحه من جسده، فحملته ودموعها تنهمر من عينيها وصعدت إلى السيارة لتبقيه مستلقياً في حضنها إلى أن وصلت به إلى منزلها وتدفنه بجوار قبور حيواناتها الذين خصصت لهم زاوية في حديقة منزلها لاحتضان ثراهم.

وفاء الكلب
.. «سارة» تعشق تربية الكلاب البوليسية التي ترمز إلى الوفاء والإخلاص من خلال دفاعها المستميت عن حرمة البيوت التي تسكنها، وقد حدث لها موقفين مختلفين مع أحد كلابها الأول عبارة عن تجربة خاضتها مع إحدى قريباتها التي كان يميل لها ذلك الكلب أكثر من «سارة»، فأرادت اختباره ومعرفة إلى أيهما سيميل في دفاعه، فقررن تمثيل مشهد مشاجرة تدور بينهما فتفاجئ الجميع بهجومه على قريبتها التي فرت هاربة بسرعة والاختباء في أحد الغرف وإغلاق الباب في وجهه خشية تعرضها للأذى، ليقطع الشك باليقين ويؤكد على أن وفائه ينصب على أهل بيته، ولا مجال للطعن أو الشك في إخلاصه ومحبته لمن يشاطرهم حياتهم، أما الموقف الثاني الذي حدث مع ذات الكلب تقول فيه إنها لمست فيه الحزن والانكسار بعد أن قرر والدها إخراجه من داخل المنزل وإبقاءه في الحديقة نظراً لكثرة نباحه الذي لا يكاد ينقطع لا في الليل ولا في النهار، فما كان منها إلا التودد إليه وملاطفته في محاولة جادة من سارة إلى مشاطرته حزنه وتخفيف شعور الحزن الذي استوطنه، فأخذت تحتضنه وهو يدفعها ودون قصد جرح أنفها بأحد أنيابه فسالت الدماء وقامت بدفعه وأخذت تجري إلى داخل منزلها، فشعر ذلك الكلب باقترافه ذنباً عظيماً دون قصد، فزاد حزناً وانكساراً وظلت دموعه تنهمر من عينيه كلما شاهدها تمر أمامه دون أن تهتم لأمره، معبراً بذلك عن مدى ندمه على ما حدث، وقررت بعد مرور أيام أن تصالحه حتى لا يظل منكسراً، فما أن أحس برضاها أخذ يلعق وجهها ويحتضنها وكأنه يعبر لها عن مدى سعادته بمسامحتها له وصفحها عنه.

مسك الختام
ومثلما كانت البداية جميلة فإن النهاية أجمل، لذا لم يبقى لدي في النهاية إلا أن أشكر المهندسة الواعدة «سارة» صاحبة القلب الكبير، التي تتميز بعطائها فهي كالشجرة المثمرة المعطاءة التي تمنح ثمارها، و من أعظم الثمرات التي جنيتها من بساتين حياتها هي الأمل والتفاؤل والحلم والتواضع والصبر والتدبر في سائر مخلوقات الله وكل ما صنعه وابتكره بنو البشر.

أحمدالسلامي