الأربعاء، 25 مايو 2022

لصوص شرفاء.!

 

في منتصف سبعينيات القرن الماضي عانت الجزائر في عهد الرئيس هواري بومدين من انتشار العصابات المنظمة التي شكلت حينها هاجساً امنيا عظيماً، واصبح الخوف هي السمة السائدة التي تسيطر على عموم المواطنين الذين يوصدون ابواب منازلهم بإحكام وتبقى عيونهم مفتوحة ليلًا ونهارًا تحسبا لهجوم رجال العصابات.! 

الامر حينها اثار غضب العموم، وهو الامر الذي نتج عنه ضغطاً شعبيا دفع «الدرك» الى الانتشار في كل الازقه والاحياء لرصد ومتابعة رجال العصابات الى ان تمكنوا من اعتقال «صالح فيسپا» وهو زعيم احد اكبر واخطر العصابات الجزائرية ومعه 4 من اعوانه، وتم نقل الخبر الى الرئيس هواري بومدين الذي امر بسجنهم دون محاكمتهم لمدة شهر على ان يتم احضارهم جميعا بعد انقضاء المهلة للقائه.! 

حان موعد اللقاء وجيء بزعيم المافيا صالح فيسپا مكبلا بالأغلال واخذ يحاوره بومدين وعرض عليه عرضًا نال رضاه واستحسانه وهو ان يعينه رئيسا للدرك الجزائري مقابل القضاء على كافة العصابات وتقديمهم للمحاكمة، وافق «فيسپا» على العرض دون تردد، وهو الخبر الذي اثار حفيظة قيادات الدولة الذين سألوه عن سبب اختياره «لص» ومنحه منصبًا أمنيًا رفيعاً؟ اجابهم بومدين بقوله: هو «لص» ويعرف كل «اللصوص» ويعرف طريقة تفكيرهم وآلية عملهم ويجيد التعامل معهم وسيكون مؤهلًا اكثر من سواه في القضاء عليهم

بعد مرور عام واحد من تولي «صالح فيسپا» مهمة رئاسة الدرك اصبحت العاصمة الجزائر من اكثر مدن البلاد أمناً وأمانًا وبات المواطن يترك ابواب منزله مشرعة دون ان يخشى اللصوص الذين زج بهم في السجون بفضل القبضة الحديدية التي تميز بها الامن حينها.! 

الدرس المستفاد من هذه التجربة هي إن من الممكن تحويل المجرم الى انسان صالح يعتمد عليه اذا ما تم احتوائه وأعيد تأهيله، وهي نظرية علمية تسمى «الضد النوعي»، ولكن تطبيقها يحتاج إلى أنظمة «صالحة» و واعية و راغبة في بناء أوطانها والاستثمار في مواطنيها لتحويلهم من شعوب مستهلكة وهالكة الى شعوب منتجة ومثمرة.! 

الثلاثاء، 24 مايو 2022

السودان يحكمها الشيطان

 

تمتلك السودان وحدها دون غيرها من الدول العربية القدرة على انتاج كل ما تحتاجه قارتي آسيا وافريقيا مجتمعين إذ تزيد مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في السودان عن 175 مليون فدان «الفدان يساوي 4200 متر مربع» بينما الاراضي المستقلة للزراعة لا تتخطى حاجز 20% من اجمالي الاراضي الزراعية.!، ليس هذا فقط بل فشلت الحكومات المتعاقبة على ادارة الدولة في توفير أمنها الغذائي رغم كل ما تمتلكه من امكانيات بشرية وثروات طبيعية تؤهلها لتحقيق مبتغاها، ولكن بفعل الفساد وبسبب وجود الفاسدين اضحى نصف الشعب السوداني يعيش تحت خط الفقر.! 

السودان التي تمتاز عن غيرها من دول العالم بأراضيها الزراعية والوفرة المائية في دولة تضم أكثر من 10 أنهر يتدفق بعضها بصورة دائمة أو موسمية ومياه الأودية و الجوفية و الأمطار، إذ يصل معدل الأمطار السنوي عن ما يزيد على 400 مليار متر مكعب، ومع كل ذلك تتسول السودان القمح والغذاء بسبب فساد الانظمة المتعاقبة على ادارة الدولة، اذ كلما اعتلى سدة الرئاسة حاكم جديد اخذ ينهب ثرواتها بالتعاون مع الخونة الدين يساندونه في جريمتهم النكراء.! 

وقد يخفى على القارئ الكريم معلومة مهمة وهي ان السودان تمتلك اهم واضخم مناجم الذهب ومقالع الرخام ومحاجر الجرانيت والكثير من الثروات الطبيعية التي تتم سرقتها بطريقة منظمة، بينما يعيش الشعب السوداني اليوم تحت سندان العسكر ومطرقة الفساد الحكومي، فهناك تدخلات خارجية من دول وانظمة ومنظمات لا تريد لهذه الدولة الاستقرار ولا تريد لها ان تتحول من الدول المستهلكة الى الدول المنتجة والمصدرة، لان قوى الشر لها اهداف شيطانية اهمها ان يزداد الفقير فقرا والجاهل جهلا، ويستثنون من ذلك المنتمين الى تلك التنظيمات التي تقود العالم فعليا عبر الدمى الحاكمة.!

الأحد، 15 مايو 2022

الأراجوز طارق العلي

 

الكويت كانت تملك مسرحاً عريقاً يشار إليه بالبنان، وقد كانت له اسهامات مهمة في نقد الاخطاء وتصويبها، وهناك نخبة من المسرحيين الذين ترك كلاً منهم بصمة واضحة للعيان وكان لهم دور مهم في تنوير الشعوب العربية وتثقيفها، ومنهم على سبيل المثال صقر الرشود، عبدالعزيز السريع، خالد النفيسي، فؤاد الشطي، عبدالحسين عبدالرضا، سعد الفرج، خالد العبيد، عبدالله الحبيل، إبراهيم الصلال، محمد السريع، عبدالامام عبدالله، جاسم النبهان، مريم الغضبان، حياة الفهد، سعاد عبدالله، عائشة إبراهيم، وغيرهم ممن لا تسعفني الذاكرة لسرد اسمائهم.

الفرق بين مسرح المؤسسين ومسرح الاسفاف هي ذات المسافة الفاصلة ما بين الارض و السماء، وخصوصا مع ظهور «الاراجوز» طارق العلي الذي قضى على التاريخ الجميل للمسرح الكويتي، وجعل منه مسرحا سخيفًا بلا قيمة فنية، اذ اختزل اعماله في سيناريوهات مكررة في كل مسرحياته الفاشلة «الحضر، البدو، العيم، السنة، الشيعة، العربي، القادسية.. وادخل نادي الكويت مؤخراً» مع استخفافه بزملائه وتعمده الاساءة لهم بضربهم والتنمر عليهم باسلوب فج ووقح.!

لم يتوقف عند هذا الحد بل تمادى الى اكثر من ذلك بتقليله من قيمة شعوب لها تاريخها ومكانتها، مثل مصر، العراق والاحواز، وجعلهم مادة للتندر والسخرية، وهذا الامر مرفوض و لم يعد مقبولًا، فماذا سيكون رد فعله وهو نقيب الفنانين لو أن عملا مسرحيا في مصر او الاردن او العراق سخر من الكويت او الكويتيين، فهل سيعتبر ذلك امراً عادياً؟

اكتب هذا المقال بعد تداول مقطع فيديو لمسرحيته «الخرطي» وهو يسخر من فئة البدون حيث يطلب من «كومبارس» ان يملئ باصات من جماعة «تبيع سيارتك» لتشجيع فريق نادي الكويت.!

اسمعها مني يا طارق، استمرارك في الاستهانة بالاخرين قد يزيد من رصيدك البنكي لكنه لن يرفع من شأنك وقيمتك بين الرجال او حتى في وسطك الفني، واعلم انك عندما تسخر من الاخرين وتتندر عليهم فهذا لا يعني انك قدمت عملا مسرحيا ذو قيمة فنية، بل قدمت فقرة في سيرك تقمصت فيها شخصية «الأراجوز» تقفز على خشبة المسرح و «تفرها» لجمع المال.!