الأحد، 20 مارس 2022

إنهيار الإعلام المصري

 

كنت شاهداً على حرص والدي رحمه الله واخوتي على اقتناء الصحف والمجلات المصرية العريقة مثل الاهرام،  الاخبار، الجمهورية، الكواكب، زور اليوسف والمصور في ثمانينيات القرن الماضي، والتي كانت تصل نسخ منها الى بعض المكتبات حيث يكون قد مضى على نقلها لعرضها في الاسواق المحلية اكثر من اسبوع ولكن تبقى بالنسبة لهم صحف مهمة جدا ومجلات ذات قيمة ادبية وثقافية عالية، وكنت حينها «يا دوبك افك الخط»، ويكون هناك سباق محموم على قراءة الصحف والمجلات والاعتناء بها وتخزينها في أرفف مكتبة المنزل، ويكون محور النقاش في العطلات الاسبوعية هو ما جاء من اخبار ومقالات وتحاليل سياسية واقتصادية وثقافية وفنية ورياضية يكتبها النخبة من المثقفين والمتخصصين المصريين كلاً في مجاله

الصحافة المصرية التي تميزت بانتماء النخب لها مثل محمد حسنين هيكل، نجيب محفوظ، انيس منصور، علي أمين، مصطفى أمين، حمدي قنديل، رجاء النقاش، فاطمة اليوسف، احمد طوغان، أحمد بهاء الدين، يوسف إدريس، زكي طليمات، إحسان عبدالقدوس وغيرهم كثر ممن يصنفون باعتبارهم نجوم في سماء الاعلام العربي

اليوم اختلف حالها وتصدر المشهد المتردية والنطيحة مثل، مصطفى بكري، عمرو اديب، ابراهيم عيسى، احمد موسى، نشأت الديهي، تامر امين، محمد علي، سيد علي، مفيد فوزي، خالد الجندي، لميس الحديدي وغيرهم من اعلاميي الغفلة الذين يصنفون باعتبارهم مأجورين وموجهين ينفذون اجندات حكومية فيتولون الحديث من خلال «سكربت» معد سلفاً ملزمين بنصوصه على ان يقدمه كل شخص منهم بأسلوبه الفج والوقح

الانهيار الحاصل في الاعلام المصري سببه هو سيطرة الاجهزة الامنية عليه والتي تتولى رسم سياساته ونهجه وكل تفاصيله الدقيقه، وبذلك حاد عن طريقه الى ان اصبح اعلام مبتذل خال من الطرح الهادف والمتزن مما افقده قيمته ومكانته فبعد ان كان متسيدا للاعلام العربي اصبح اليوم في اسفل سافلين.!

الخميس، 17 مارس 2022

الكرامة أولاً

 

ليس للمواطن العربي قيمة حقيقية في وطنه او الوطن العربي الكبير المكون من 22 دولة ما لم يكن ذلك المواطن ينتمي لاحد الاسر الحاكمة او المتنفذين والمقربين منهم إضافة الى الأثرياء فهؤلاء يتمتعون بحصانة نسبية تختلف باختلاف مكانة بلدانهم من ناحية سياسية واقتصادية، اما اذا كنت مواطن عربي من العوام فأنت بكل تأكيد تصنف باعتبارك مواطن درجة سابعة، اي انك عالة على وطنك وحكومة بلادك الموقرة.! 

لا أقول ذلك من فراغ، بل من واقع تجربتي الشخصية في الماضي وما اتابعه في الحاضر من خلال هروب ملايين العرب من اوطانهم إلى الدول الغربية بغية البحث عن حياة كريمة آمنة ومطمئنة حيث يجد مع الطعام والامان والسلام «الكرامة» التي كان مفتقداً لها في وطنه الام. الكثير من الشباب العرب يضطرون الى النزوح من اوطانهم وقطع آلاف الاميال ودفع مبالغ مالية طائلة للمهربين لنقلهم براً او بحراً وتعريض حياتهم للخطر والموت للوصول إلى اوروبا وبريطانيا واستراليا وكندا وامريكا لبدأ حياة جديدة سواء كانت عملية او علمية او كلاهما

بعد نزوح ملايين العرب من اوطانهم تمكن عدد كبير منهم تحقيق طموحه على ارض الواقع، اصبح اليوم من بين المهاجرين واللاجئين والنازحين أناس اصحاب شهادات عليا ومنهم باتوا تجار واخرين شقوا طريقهم نحو العمل السياسي واصبحوا مشرعين ووزراء واصحاب قرار في دول احتوتهم واعادت توطينهم، ومنحتهم كافة الحقوق التي حرموا منها في بلدانهم التي ضاقت بهم ولم تعد راقبة بوجودهم، والطامة الكبرى هي عندما يتفاخر اعلام بلدانهم بأن في المهجر أناس هجروا قسراً هم اليوم ناجحين.!

الثلاثاء، 15 مارس 2022

إعلام مأجور

 

استكمالاً لمقالي السابق الذي عنونته تحت اسم «رسائل حمد بن جاسم»، و تطرقت فيه إلى خلاصة ما جاء في لقاء رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في برنامج «الصندوق الاسود».

الشيخ حمد بن جاسم تطرق لنقطة مهمة وخطيرة جدا إذ أكد على وجود مجموعة من الصحفيين كانوا على قائمة «payroll» القطرية منهم يحصلون على «شرهات» وبعضهم رواتب شهرية والآن اصبح منهم نواب، وهنا يتضح جليا ان المنافقين من الكتاب والصحفيين ومشاهير الاعلام الذين كانوا يؤججون الوضع هم أدوات مدفوعة الثمن.!

شراء الذمم والمتاجرة بالاقلام لتوجيه الرأي العام ليس بالامر السهل او البسيط خاصة وان احداث الربيع العربي تسببت بانهيار دول وسقوط انظمة ونتج عنها اقتتال داخلي راح ضحيته عشرات الالاف من الابرياء وتهجير الملايين من دول مثل تونس، مصر، ليبيا، سورية، اليمن، السودان، اضافة الى حدوث حراك شعبي هدد انظمة الحكم في الكويت والبحرين والاردن، كل هذا واكثر حدث بناء على توجيه المأجورين لاثارة الفتن ونشر حقائق مخفية والتهويل من بعضها مما دفع العوام للتصادم مع انظمة الحكم ودفع كثير منهم ثمن ذلك الحراك سجنا وتهجيرا.! 

الامر سهل جدا بالنسبة لشخص «بوجاسم» لان القانون وضع ليحميه ولا يمكن تقديم ادلة اثبات تدينه بتوجيه الرأي العام العربي لإثارة الفتن والقلاقل باعتباره دبلوماسي ورئيس وزراء سابق وواحد من اثرى اثرياء العرب وينتمي لأسرة مالكة وكلها امتيازات كفيله بمنحه حصانه تقيه من المحاسبة إن كان فعلاً ضالعاً في دعم وتمويل تلك الثورات المصطنعة والتي نفى علاقته بها.

الأحد، 13 مارس 2022

رسائل حمد بن جاسم

 


ان كان جائزا اطلاق لقب على الشيخ حمد بن جاسم فهو يستحق لقب «ثعلب الدبلوماسية القطرية» باعتباره المؤسس الحقيقي للعمل الدبلوماسي في بلاده وعرابها، وقد تابعت حلقات لقائه المطول في برنامج «الصندوق الاسود» الذي يقدمه الزميل عمار تقي عبر القبس الالكتروني، وهو لقاء اعتقد لم يكن ضمن حسابات القائمين على البرنامج، بل الشيخ حمد بن جاسم هو من عرض نفسه على ادارة الصحيفة للالتقاء به وهذا حسب ما صرح به الزميل وليد النصف في معرض حديثه باحد مقاطع الفيديو المصورة التي تحدث فيها عن نجاح «القبس الإلكتروني» بتلقيه اتصالا من شخصية خليجية طلب ان يكون ضيفًا على البرنامج ولا اظن صاحب الطلب هو الامير تركي الفيصل بل الاقرب الى ذلك هو الشيخ حمد بن جاسم حسب اعتقادي الذي اراد إيصال جملة من الرسائل الى عدة جهات مستخدما منصة إعلامية مهمة قادرة على ايصال صوته بحياد ودون اجتزاء رسائله او حجبها.

حمد بن جاسم اراد أولاً اخلاء مسؤوليته المباشرة وغير المباشرة في أي احداث وقعت في الماضي ويتنصل عن مسؤوليته في إدارة قناة الجزيرة وتوجيهها في فتح بعض الملفات الشائكة خليجياً وعربياً ودعمها لاحداث الربيع العربي وجماعة الاخوان المسلمين، وأنه دفع الثمن باهظاً نتيجة اخلاصه وتفانيه في تنفيذ مخططات الامير «الثوري» الشيخ حمد بن خليفة الذي صوره باعتباره «صانع الازمات» في المنطقة وعرابها متنصلا بذلك عن كل ادواره التي لعبها واجاد في ادائها خلال سنوات عمله وزيرا لخارجية قطر

«بوجاسم» صور للمتابع ان خسارته كانت كبيرة سواء من الناحية العملية او المالية وحتى على صعيد علاقاته الاجتماعية و الشخصية بتنازله غير مرة عن جملة من حقوقه ومن ابرز تلك التنازلات التي قدمها مرغماً هي تنازله عن طائرته الخاصة للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بقرار من الامير السابق الشيخ حمد بن خليفة دون علمه واذنه وتصويره الحادثة بأن الامير اخذ الموضوع باسلوب هزلي اقرب للمزاح من الجدية،  ثم تنازله للدولة عن نصف ما يملكه من اسهم في طيران القطرية وبيعه النصف الاخر مقابل ثمن بخس نظير وعود باستمراره في إدارة الدولة واستحواذه على مساحة أوسع إلا انه أقصي من المشهد السياسي دون سابق إنذار حسب ما اودعه بين السطور.! 

لم يتوقف «بوجاسم» عند هذا الحد بل تطرق لنقاط مهمة ومنها تفرعات واقسام الأسرة الحاكمة واكبر الافخاذ عددا وتلميحه الى أحقية بقية الافخاذ في تداول السلطة وعدم اختزالها في نسل الامير الراحل خليفة بن حمد الذي جاء الى سدة الحكم بانقلاب أبيض على ابن عمه الشيخ أحمد بن علي الذي عزل هو الاخر بانقلاب

وحاول الشيخ حمد بن جاسم تفخيم المقابلة واعطاء زخما لنفسه هو بالتأكيد يستحقه على اعتبار اعتماد الامير السابق الشيخ حمد بن خليفة كان يعتمد عليه في تنفيذ مخططاته ومنها تحويل مبيعات 50 الف برميل نفط يومي لدعم مشروع غاز قطر دون علم القيادة السياسية انذاك لتكون النواة الرئيسة في دعم وتمويل مشروع انقلاب الابن على الاب ونفيه الى سويسرا بمباركة غربية هو من قاد تنسيقها.