الأحد، 17 أبريل 2022

شعوب هالكه

 


قبل ايام لفت انتباهي منشور في احد الساحات الحوارية لسكان منطقة مجاوره لسكني وقد تداعى قاطنوها للاحتجاج على البلدية بسبب عملهم الهجمي حسب ادعائهم وذلك لقيامهم بقطع شجرة في الطريق العام يبلغ عمرها 100 عام، وتابعت ردود الفعل والنقد الحاد الذي طال مسؤولي البلدية اذ وجه لهم احد الغاضبين اتهاما بقتل الاشجار والاضرار بالبيئة وتدمير تاريخ المنطقة وتراثها، وهو اتهام استغربته في بداية الامر ودفعني للتفكير والتمعن اكثر في تفاصيله الدقيقة.

المجتمع الغربي سريع التأثر، وفي طبيعته التكوينية مختلف، حيث تجدهم يتعاطفون مع قضايا حقوق الانسان ويعارضون سياسة قطع الاشجار وتدمير الغابات ويقدسون الحيوانات ويهتمون لامرها، كل ذلك واكثر يأتي انسجاما مع طبيعتهم الاخلاقية التي تنحاز بشكل كبير إلى المحافظة على كل ما هو جميل، وهذا لا يعني انه مجتمع مقدس وخالً من الاخطاء والعيوب بل هذه هي الصورة العامة، على عكس بلداننا العربية التي تمارس ابشع الانتهاكات لحقوق الانسان وتضطهده وتصادر كافة حقوقه اذا ما اخطأ حتى وان كان خطأ بسيط او غير مقصود لانه بنظر القانون والمجتمع مجرم ولا توبه له، اما الاهتمام في التخضير فحدث ولا حرج فهم يعتبرونها كماليات لا داع لها، اما الحيوانات فهي موجودة للتسلية والترفية وليست للتربية والاهتمام بها ومراعاتها.

المجتمعات العربية تشهد يوميا على مئات القضايا التي فيها تنتهك كرامة الانسان ويساء فيها للحيوانات وتقطع بها الاشجار وان حصل تحرك فهو محدود جدا ومن يناصره يعتبر تافه، ساذج، مغفل او معتوه، لان الاهتمام ينصب في الدرجة الاولى على ذات الملوك والحكام ومن هم تحت عبائتهم وفي الدرجة الثانية المال والرفاهية والثالثة القضايا الشعبوية التي يدغدغون بها مشاعر الشعوب لالهائهم عن الامور الاساسية واجبة الاهتمام، وقد لامسني تعبير رائع اطلقه د. عبدالله النفيسي في احد لقاءاته بقوله «الشعوب تعشق المعارك الجانبية الصغيرة» وهي حقيقة لا يمكن انكارها.

ان الشعوب التي تنشد الحياة تهتم اولا بتنشئة الانسان وتعليمه وتهتم له وتراعي حقوقه وتدعمه وتقف الى جانبه لبناء انسان قادر على التطوير والإعمار واكمال مشوار من سبقوه، اما في البلدان المتهالكة فهي تعمل على تخدير الشعوب وإلهائها بأمور ثانوية وبعض تلك الدول سمحت بنشر اصناف رخيصة من المخدرات للسيطرة على الشعوب لتتمكن الانظمة من الاستفراد بالحكم وتحقيق غاياتهم.!

0 التعليقات:

إرسال تعليق