الخميس، 7 أبريل 2022

الإنسان الكلب

 


أبدع القدماء المصريين في تصوير شخصية الانسان الكلب وقاموا برسمة على الألواح ونقشه على جدران المعابد ونحته كتمثال، ويتفق المؤرخين على انها شخصية الإله «أنوبيس» رب العالم السفلي وحامي أرواح الموتى، وكان له دور فعلي حسب معتقدات الفراعنه هو حمله سلاحه «الحربه» والسير خلف الفرعون ليحميه، اي انه حارس شخصي.

وفي العام 1994 انتشرت في ايران صورة لانسان برأس كلب مشفوعة بقصة من نسج الخيال روجت لها السلطات الامنية في ذلك الوقت بشكل كبير، وتقول القصة ان انسان مسخ نصفه السفلي ادمي ونصفه العلوي على هيئة كلب يجول في المدن والقرى ليلا يخطف الاطفال ليأكلهم ويشرب دمهم، واخذ الناس يتناقلون الخبر ويعيدون طباعة الصورة في محلات التصوير لتدعيم اقوالهم والتأكيد على مصداقية القصة التي ارعبت الناس.!

في ذلك الوقت لم تكن برامج المونتاج والفوتوشوب منتشرة كما هو الحال الان، كما ان الانترنت كان استخدامه محدود جدا، لذلك من الصعب جدا اضافة رتوش تقنية الى الصورة المتداولة، كما ان السواد الاعظم من الشعوب الايرانية لم تكن متعلمة ومطلعة بسبب الانغلاق الحاصل داخل البلاد، لذلك لم يكن يتصور الغالبية ان الصورة اصلها يعود الى عملية ماكياج سينمائية محترفة، اذ يصعب على الانسان البسيط تكذيب الصورة التي بين يديه، لذلك عمدت السلطات الامنية الى دفع بعض الصحف الحكومية الى نشر الصورة مع القصة المتداولة لضمان انتشارها على نطاق اوسع واشمل.

الحكومة الايرانية في ذلك الوقت كانت تراهن على قلة وعي الشعب، وعدم وجود مصادر بحثية دقيقة تكشف حقيقة الصورة والقصة المتداولة، وكان لها هدف من وراء اختلاق هذه القصة وهي ابقاء الاسر في بيوتهم مع مغيب الشمس للحفاظ على حياتهم وحياة ابنائهم من الوحش المسخ، وينشغلوا في هذه القصة لاطول فترة ممكنه لضمان عدم تفكيرهم في المشاكل التي يعيشونها، مثل غلاء المعيشة وسوء ادارة الدولة وانعدام الامن واختلال ميزان العدالة والوضع المزري داخل الدولة، وهو ما تمكنوا من تحقيقه عبر اختلاقهم قصة من نسج خيال مؤلفها الذي يبدو لي انه كان مطلعا وبشكل كبير على تاريخ الفراعنه واقتبس فكرة شخصية الإله «أنوبيس» وقام بوضع بعض الرتوش عليها وحورها بطريقته ليضمن نجاحها.

اليوم ورغم الانفتاح الكبير الحاصل في العالم الذي سهل نقل المعلومة وتداولها وسرعة انتشارها لكن مازال بيننا من يعيش وهو يغمي عينيه عن الحقيقه، ويصدق كل ما ينقل له من مصدر محدد يثق به ولا يريد ان يكلف على نفسه حتى تبيان حقيقة ما قيل او نقل له، لانه فضل ان يجمد عقله ويكون تابعا معتقدا ان التغذية من مصدر واحد ستكون كفيلة بتزويده بكافة احتياجاته.!

الفكر الذي تدير به الانظمة القمعية شعوبها هو ذات الفكر الذي تدار به حياتنا اليومية، حيث يسلم البعض مهام ادارة حياته الى من لا يؤتمن على ادارة «كشك» يبيع المرطبات.!

0 التعليقات:

إرسال تعليق