الأحد، 29 يناير 2023

عرس الزين

 

في ستينيات القرن الماضي اصدر عبقري الرواية العربية الطيب صالح رحمة الله روايته الشهيرة «عرس الزين» التي تقوم على عدة أفكار مترابطة مع بعضها الآخر، مقدما نموذجا مبسطا لدور الخير المتمثل في شخصية «الحنين» الرجل العابد الزاهد والغامض الذي كان يعتزل العالم المادي ويتجه نحو الصحراء دون ان يحمل معه لا زاد ولا ماء يكفي رحلته التي تستمر 6 اشهر، حيث يختلي مع الله، ويعود إلى قريته في أحلك الظروف وأصعبها ليبدد الشر بهيبة حضوره والتي يمثلها «سيف»، وما بين الحق والباطل يعيش «الزين» بطل الرواية التي يعاني مشكلة عقلية «ربيته قاصرة» مما جعله اضحوكة بين ابناء قريته بسبب تصرفاته، أما رابع الشخصيات في الرواية فهي ابنة عمه «نعمة» اجمل الفتيات التي كان يسعى للزواج منها بدعم ومباركة «الحنين» الذي كان يرى فيه ما لا يراه في سواه وهو انه «مبروك» و يحظى باهتمام الأمهات في القرية فهو كلما ذكر اسم فتاة من فتيات القرية على لسانه جاء لها النصيب وضمنت الزواج.

الرواية نالت اعجاب المخرج الكويتي الشهير خالد الصديق رحمه الله الذي حولها إلى فيلم سينمائي في سبعينيات القرن المنقضي وتولى إنتاجه وإخراجه وشارك فيه بعدة مهرجانات دولية وحصل على عدة جوائز، إلا أن الفيلم لم يحظى بالانتشار المتوقع له بسبب تواضع الإمكانيات التقنية المستخدمة في التصوير مما أدى إلى خروجه من السباق السينمائي مبكراً.
اليوم نعيش في عالم يخلو من وجود شخصيات صالحة مثل «الحنين» بينه وبين الله عمار، وأناس مباركين مثل «الزين» الذين يطلق عليهم مجازا «من اهل الله» وفتيات بجمال طبيعي مثل «نعمة» لم ينل مشرط جراح التجميل من جسدها ولم تتأثر بقبح دعاية العلامات التجارية، بل نحن نعيش في عالم مادي مخيف يحكمه «سيف» الذي تغول بشره و طوع القانون لخدمته، فمن يختلف معه يصبح عدوا ومجرما له ولمجتمعه، ولا صوت يعلوا على صوته ولا رأي بعد رأيه.!

0 التعليقات:

إرسال تعليق