الخميس، 31 أغسطس 2023

مصر وحكايتها مع ديون إيران

 

في اوائل تسعينيات القرن الماضي، نجحت مصر في عقد اتفاق لتسوية جزء كبير من ديونها لصالح النظام الايراني عبر وساطة من شخصية اقتصادية اماراتية «ملك الكاڤيار» تولى ادارة المفاوضات ما بين الجانبين، و كان يمثل الطرف المصري رجل الاعمال د. ابراهيم كامل، وهو احد صناع القرار السياسي والاقتصادي في بلاده، ومن الجانب الايراني حسين مرعشي محافظ كرمان وابن عم زوجة هاشمي رفسنجاني ومدير مكتبه خلال فترة رئاسته

الديون المصرية وفوائدها المتراكمة كانت حينها تقترب من 650 مليون دولار، والرئيس الراحل محمد حسني مبارك رحمه الله كان يسعى لتخليص بلاده من تلك الديون، لذلك ارتأى تفويض د. ابراهيم كامل للقيام بهذه المهمة واخذ موافقة من البنك المركزي المصري، وقد درس احتياج ايران وقرر ابرام صفقة تأسيس شركة «ماهان للطيران» وتدعيمها بعدد من طائرات النقل المدني والشحن الجوي، وباكورة الصفقة 4 طائرات روسية تبعتها طائرتين، ثم شقت الشركة طريقها في السوق وتوسعت واصبح اسطولها الجوي اليوم يتجاوز الخمسين طائرة

الشركة الإيرانية كانت واجهتها مؤسسة «مولى الموحدين» الخيرية والتي استحوذت على اسهمها، وكان من ضمن ابرز واهم امناء مجلس ادارتها قائد الحرس الثوري قاسم سليماني عندما كان مسؤولا امنيا في محافظة كرمان، واستمرت الشركة بتبعيتها الفعلية إلى هاشمي رفسنجاني إلى ان خرج من سدة الحكم وتقلصت صلاحياته تدريجيا ليتم الاستحواذ على شركة الطيران والمؤسسة الخيرية من قبل الحرس الثوري الايراني في عهد الرئيس الاسبق احمدي نجاد واسندت مهام ادارة «مهان» إلى حميد نجاد.

الصفقة كانت للالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة على ايران، حيث استغلت مصر هذه الجزئية في الخلاص من ديونها بطريقة ذكية، وقد خطط لها د. ابراهيم كامل «احد دهات السياسة» الذي ابتعد عن الواجهة بعد سنوات من العمل والعطاء وانزوى بعيدا عن صخب الاعلام وصراعات السياسة ليعيش حياته بهدوء وسكون خاصة بعد حصوله على البراءة من موقعة «الجمل» الشهيرة، اما حسين مرعشي فقد جرى اعتقاله وسجنه في العام 2008 وافرج عنه بعد مرور عام من سجنه بتهمة ازدراء النظام الايراني، كما جرى الاضرار بمصالح عائلة «رفسنجاني» بعد وفاته وانتقلت اسرته الى الامارات، اما الوسيط الاماراتي «مهندس الصفقات التجارية الدولية» فقد توفي بحادثة طيران مريبة إذ سقطت الطائرة التي كان يستقلها في الاجواء الايرانية عندما كانت الرحلة متجهة الى طشقند في نوفمبر من العام 1993 والحادثة تداولتها وسائل الاعلام العالمية وانتهى التحقيق كالعادة بخلل فني رغم عدم الاستدلال على الصندوق الاسود حتى هذه اللحظة، وهي القضية التي سيتم الكشف عن تفاصيلها في موضوع اخر.!


أحمد السلامي

0 التعليقات:

إرسال تعليق