الخميس، 14 يوليو 2022

الفن أداة لقمع الشعوب

 

المتابع لحال الانظمة العربية منذ ستينيات القرن الماضي وطرق تعاملهم مع شعوبهم حتى يومنا هذا يستطيع ان يكون صورة شاملة وكاملة عن الاساليب المتبعة في التعامل المباشر مع الشعوب باستخدام اسلوبين مختلفين، الاول الترغيب وذلك من خلال اصدار القرارات الشعبوية و الاغداق عليهم بالمنح والهبات والزيادات المالية وهي طريقة ناعمة لشراء الولاءات، والاسلوب الاخر هو الترهيب باستخدام القوة المفرطة والقوانين القمعية وتطويع الدين ورجالاته لخدمة النظام ومواجهة الساخطين على حال بلدانهم بالرد عليهم واتهامهم بالكفر و الزندقة والكفر والإلحاد والتبعية لاجهزة مخابرات اجنبية ممن لا يريدون الخير لبلدانهم وهناك من يجمع ما بين الفكرين لموازنة الامور. 

في المقابل شذ نظامي حافظ الاسد في سورية و حسني مبارك في مصر على فكر ادارة الانظمة العربية السائدة حينها، وذلك باستخدامهما المسرح والتلفزيون للتنفيس عن شعبيهما والتقليل من حالة الاحتقان باتخاذ اسلوب الاستهزاء والسخرية من حال الانظمة العربية عموما ونظام الدولة خصوصا، ومن الامثلة الواقعية هو ما كان يفعله حافظ الاسد الذي كان حريصاً على دعم وانتاج مسرحيات من تأليف محمد الماغوط وبطولة دريد لحام ونهاد قلعي تنتقد النظام وتسخر من حاله وحال الانظمة العربية ومنها مسرحيات «ضيعة تشرين، كاسك يا وطن، شقائق النعمان، غربة» وفيلم الحدود، وعلى الجهة الاخرى استخدم حسني مبارك ذات الاسلوب مستغلا نجومية عادل امام الذي حصل على البطولة المطلقة في جميع المسرحيات والافلام التي تنتقد اخطاء النظام وينتقد من خلالها تردي اوضاع البلاد، ومنها  مسرحيات «الزعيم، الود سيد الشغال، شاهد ماشفش حاجه» والافلام «الارهاب والكباب، الارهابي، بخيت وعديله، طيور الظلام، النوم في العسل، رسالة الى الوالي، الواد محروس بتاع الوزير، السفارة في العمارة، مرجان احمد مرجان، حسن ومرقص، بوبس». 

اجاد نظامي حافظ الاسد و حسني مبارك في استغلال المسرح والسينما في تخفيف احتقان شعبيهما والتنفيس عن حالة الغضب بأسلوب فني ساخر، تاركين لهم فسحة لا بأس بها في الضحك على حال بلدانهم المتدهورة على ان يبقى الامر مرهونا في اشخاص محددين يختارهم النظام وحده، اذ يجوز للمشاهد ان يضحك ولكن لا يجوز له ان ينتقد الخطأ ويطالب بتصويبه.! 

هذا لا يعني بأي شكل من الاشكال انني مؤيد لمثل هذه الانظمة القمعية ولا افكارهم الرجعية، بل انا اقف دائما في صف الحق والشعوب الثائرة على الظلم والظالمين، لإيماني المطلق ان جميع شعوب العالم لها الحق في الحياة وتقرير مصيرها وفق الاطر القانونية وبصورة ديمقراطية.

اليوم، ومع الانفتاح الكبير على الاعلام الرقمي اصبحت الانظمة العربية غير قادرة على فرض سيطرتها وبسط نفوذها كما كان في الماضي، إذ كانت الصحف تنشر ما يسر النظام والتلفزيون ينهي بثه بعد نشرة اخبار منتصف الليل، والمسرح يخدم الاهواء السياسية بحسب رغبة النظام الحاكم، أما الان فقد باتا من الصعب جدا مواجهة مواقع عالمية ساهمت بشكل مباشر باسقاط انظمة قمعية ودعم ثورات عربية واجنبية وتوجيه الرأي العام الساخط من اوضاع البلدان بسبب الفساد الاداري والمالي، وهو ما دفع بلدان أخرى الى سن وتشريع قوانين مكممة للافواه الهدف منها محاولة قمع الشعوب وتطويعها جبرا وهو نهج ديكتاتوري يصعب استمراره لفترة طويلة بسبب رغبة الشعوب في عيش حياة كريمة بقانون يحمي حقوق الفقراء ويساويهم مع الاغنياء و يرفع الظلم عن الضعيف ويردع المتنفذ مهما علت سلطته وهي مطالب مشروعة ان تحققت ساد السلام والوئام وتطورت البلدان واصبح المسؤول يعمل من اجل وطنه وليس من اجل زيادة ارصدته البنكية في البنوك الاجنبية، لكن من يسمع ويعقل.!

0 التعليقات:

إرسال تعليق